أخي المعلّم ، قد تجد في سطور هذا المقال كلاماً سمعته من قبل، وإنَّما كانت الحاجة إلى إثارته أنّه ما زال كلاماً، فعندما يعي كلّ واحد منّا أنّه لبِنةٌ أساسيّة في بناء العالم ينتهي الكلام ويبدأ العمل… تتسابق المدارس والأكاديميّات اليوم إلى وضع شعارات تربويَّة، ورؤى فكريَّة، ومناهج تعليميَّة تواكب العصر بكلّ ما فيه من ثورات علميّة، “وصرخات” تكنولوجيّة، “وطَفرات” تحوّليّة، وهي بذلك كلّه تُنفق طاقاتها الماديَّة والمعنويَّة في سبيل تحقيق ما يُسمّى في عالم المؤسسات والشركات اليوم “بمعايير الجودة العالميّة”، وفي هذه “الورشة” العملاقة تستوقفنا عدَّة أسئلة: إذا كان المعلّم حجر الزاوية في العمليَّة التربويَّة، فأيَّ مُعلّم نريد في عصر كهذا؟ ومن المنقذ “الأعجوبة” الذي يحمل هذه الشعارات وتلكم الرؤى في مشروعه التربويّ؟ لا شكّ في أنَّ المعلّم المنقذ الذي تتوق إليه مدارسنا في هذا الزمان ليس صاحب شهادات الاختصاص العليا، إذ إنَّ هذه مُسلّمة لا تُسقطها أيّةُ مدرسة تعي مبادئ التعليم الأساسيّة، وليس من يمتلك مفاتيح التكنولوجيا ليقدّم للتّعليم صورة بديعة لم يعرفها التّعليم منذ كان؛ لأنّ التكنولوجيا باتت مادّة أساسيّة لمقوّمات الحياة الماديّة، ولكنّ مدارسنا اليوم تبحث بكلّ ما أوتيت من وسائل البحث عن مُعلّم يبني فكراً، ويُربي نفساً، ويصنع شخصيّة ذات صبغة متميّزة تستحقّ أن تكون الرائدة عالميّاً. ومهما تحاول مدارسُنا أن تستقي فلسفاتها التربويّة، ومناهجها التَّعليميَّة، من سواقي المدارس الفكريَّة، وصروح الأكاديميّات المتطوّرة في العالم فإنّها ستبقى ظمأى إن لم تكن سقياها هذه رديفةً للنبع النبويّ النضّاخ الذي روى العالمَ كلّه، وما زال آية معجزة للتربية والتَّعليم ؛ لأنّه ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحيٌّ يُوحى. فما أحوج مدارسنا اليوم إلى أن تُعيد النظر في مقوّمات معايير التربية والتَّعليم واضعةً في مقدّمات أعمالها شخصيّةَ النبيّ المعلّم المربّي عليه الصلاة والسلام، فعندما تؤمن مدارسنا كلّ الإيمان أنّها صاحبة رؤية سامية ورسالة خالدة، وأهداف رفيعة تدرك أن منافستها عالميّاً ليست في الوسائل والبرامج وإنّما منافستها في إعداد الإنسان فكراً وروحاً وسلوكاً، ومدرسة النبيّ الأعظم عليه الصلاة والسلام خرجَّت سفراء إلى العالم، وعلماء إلى مشارق الأرض ومغاربها، فكانوا منارات أحيت ظلمات الأرض، وشموساً منحتها معنى الحقيقة. لأنَّها مدرسة أرست فكر النيابة لدى طلابها، فكلّ طالب فيها عرف وفهم وأيقن أنَّه خليفة الله في الأرض، وأنَّ دوره فيها عظيم، وهو دور الأنبياء كلّهم من قبلُ : عمارة الأرض بالحركة الدائبة، والجهد الدائم، والسَّعي المضني، لنشر الرحمة والخير والعلم وحقيقة الحريّة ورقي العبوديّة لله الواحد الحقّ، فكانت عباراتهم التي سطّرها التاريخ بسنا النور “نحن قوم ابتعثنا الله”. ولأنَّها مدرسة لم تفصل التربية عن التَّعليم فالأميّ الفظّ الغليظ الذي دخلها جاهلاً سفيهاً، تخرّج منها عالماً مؤدباً تذوب أمام هيبته ألفاظُ الأدب والأخلاق. ولأنَّها مدرسة لم تُنكر الخير الذي عند غيرها شرط ألاّ يُخالف منهجها الحكيم وشريعتها السمحاء، فخرّجت المميّزين والمبدعين وأشراف العلماء. ولأنَّها مدرسة اعترفت بقدرات طلابها فاستثمرتها أيّما استثمار، لم تُغلق عقولهم بالتلقين، ولم تستخفّ نفوسهم بالخرافة، ولم تحدّ طاقاتهم باختبار شكليّ!! وإذا كانت المدرسة مُعلّماً قبل كلّ شيء، فمدارسنا اليوم في حاجة إلى مُعلّم حقيقيّ يحمل على عاتقه رؤيتها ورسالتها وأهدافها. والمدارس اليوم اهتدت إلى الشعارات، وصاغت الفلسفات، وابتكرت الوسائل، واجتهدت في المناهج، وما زال العالم يتخبّط ويصرخ ويستغيث!! وما زال العلم يولد مشوّهاً! لأنّ المدارس اليوم اهتدت إلى كلّ أدوات التعليم، ولكنّها لمّا تهتدِ إلى المعلّم الحقيقيّ. فهلاّ طلبناه في شخصيّة نبيّ الرحمة ومعلّم الخير سيّدنا محمّد عليه الصلاة والسَّلام؟
بقلم مدير المدرسة اللبنانية العالمية
د. خليل عبد الله عجينة
School On Call !!
We’re Back Dear LISers
____
#School_On_Call
#Lebanese_International_School
#صرح_يُعنى_بالتكامل_التربويّ_والأكاديميّ_المتميّز